الأحد الأخير من الصوم هو أحد التناصير الذي يرمز لها المولود أعمى (يو 9).
أ- " كنت أعمى والآن أبصر "، هذا هو اختبارنا الدائم كأبناء للآب السماوي. لقد كنا عميان فأنار بصيرتنا وكشف عن أعيننا فأبصرنا عجائب من شريعته، وأرانا ما اشتهي الأنبياء أن يروه، وفتح بصيرتنا لنفهم الكتب...
ب- والمعمودية تعنى الاغتسال (في بركة سلوام) لكي نصير أبناء أطهـار، والتوبة هي استمرار للاغتسال لكي نبصر جيدًا، فالتوبة هي استمرار للمعمودية- وهي الوسيلة التي بها نبصر المسيح جيدًا طوال حياتنا. فالتوبة المستمرة تغسل القلب وتجدد الذهن وتحفظ النفس منسحقة في طاعة الآب، وتكشف لها كل بركات وأسرار الآب السماوي.
هذا الأسبوع ينتهي بأحد التناصير (أحد المولود أعمى). وق د كانت الكنيسة الأولى تقوم بعماد الموعوظين يوم أحد التناصير على اعتبار أن الشخص الذي نال سر العماد هو كالمولود أعمى الذي أبصر ولسان حاله يقول كنت أعمى والآن أبصر.
وتدور نبوات الاثنين والثلاثاء والأربعاء من إشعياء حول نقطتين هامتين:
الأولى : أن المعمودية هي وسيلة تفتيح الأعين غفران الخطايا.
والثانية : أن الشهادة بقوة هي عمل الذي أبصر بعد أن كان أعمى.
وهذا ما نراه واضحًا في حديث المولود أعمى مع رؤساء الكهنة والكتبة وشهادته للسيد المسيح بقوة حتى إنتهى الأمر بطرده من المجمع.
أحد التناصير ( احد المولود أعمى )
" من أمن وأعتمد خلُص " ( مرقس 16 : 16 )
+ فى هذا اليوم نحتفل بالأحد السادس من الصوم الكبير ( المسمى حسب العادة القبطية " أحد التناصير " )، حيث جرت التقاليد على عماد كل الوثنيين الذين آمنوا بالمسيح حديثاً ( الموعوظين ) ليدخلوا الكنيسة ، ويفرحوا ببهجة عيد القيامة المجيد ، والتناول من السر الأقدس .
+ والمعمودية هى الباب المؤدى للإستفادة من باقى أسرار الكنيسة المقدسة ، وبها يتم الإغتسال من أمراض " الخطية الموروثة " ( كمرض روحى ) من آدم ، وكذلك التطهير ( للكبار ) من كل الشرور السابقة .
+ وفى حديث رب المجد يسوع مع نيقوديموس ، نرى ضرورة العماد كشرط أساسى لدخول الملكوت ( يو 3 : 3 ) .
+ ولهذا دعا تلاميذه للخدمة على أساس التعليم والتعميد ، وقد أمرهم وقال لهم : " أذهبوا إلى العالم أجمع ، وأكرزوا بالإنجيل ( بشارة الخلاص ) للخليقة كلها ، من آمن وأعتمد خلُص ، ومن لم يؤمن يدّن " ( مر 16 : 15 – 16 ) .
+ ويجب أن يغتسل المسيحى المؤمن مرات أخرى بدموع التوبة ، مع ممارسة الأسرار المقدسة ، وقد أكد الرب على غسل القلب وليس الأعضاء الخارجية فقط ، أى نقاوة القلب من دنس الخطية .
+ وفى هذا اليوم يقرا الشماس نص الإنجيل الخاص بالمولود أعمى ( يوحنا 9 ) ، لأن الإنسان يولد أعمى بالخطية ، ولما يغتسل فى جرن المعمودية ويدشن ( يدهن ) بالميرون المقدس ، ينير الروح القدس عقله وقلبه بالنعمة والحكمة ، والطهارة الداخلية .
+ وقد خلق الله للمولود أعمى عينين من طين ( كما فعل فى خلق جسد آدم ) وأمره بالأغتسال فى بركة سلوام ( رمز لجرن المعمودية ) .
+ وفى حوار الأعمى مع اليهود الأغبياء ، الذين أغتاظوا بسبب إتمام معجزته فى يوم سبت ، أعلن لهم بروح المنطق ، أن الله لا يسمع للخطاة ، وأنه إن كان أحد يتقى الله ويفعل مشيئته ، فله يسمع بالطبع ( يو 9 : 31 ) والعكس بالعكس .
+ ونأخذ الدرس من هذا الأعمى البصير ، ومن رجال الدين اليهود العميان ، ونشكر الله على عطاياه ، ونؤمن بأنه قادر أن يفتح بصيرة كل بعيد عن الإيمان ، ليستنير بكل وسائط الخلاص ، ويرى الملكوت السعيد ، بعدما يتطهر – من الداخل – من دنس الجسد والفكر والحواس ، ليستحق أن يلبس ثوب البر والقداسة ، الذى يليق الدخول به لهذا العرس الأبدى العظيم .
+ ودائماً ما يتساءل أهل العالم ، عن سبب عدم إغتسال ( وضوء ) النصارى ، قبل كل صلاة من صلواتهم النهارية والليلية ؟! ، فنقول لهؤلاء ، أن الطهارة هى النقاوة الداخلية – للقلب والذهن – من دنس الخطية ، وأنه مهما أغتسل المرء من الخارج وقلبه متسخ بالخطايا ، من تعصب وسوء ظن ، وشك وغيرة وحسد ، وحقد وكراهية للناس ، وكذب وغش وخديعة ، فلن يَطُهر أبداً ، حتى ولو أستحم عشرات المرات كل يوم ( يو 13 : 10 ) واستخدم كل مياه المحيطات والبحار .