حياة الشهيدة بربتوا

st athanasios

في عام 203 م خلال الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور ساويرس، ألقى مينوسيوس تيمينيانوس والي أفريقيا القبض على خمسة من المؤمنين كانوا في صفوف الموعوظين، من بينهم فيبيا أو فيفيا بربتوا التي كانت تبلغ من السن حوالي 22 سنة، متزوجة بأحد الأثرياء ومعها طفل رضيع. كانت هذه الشريفة ابنة لرجل شريف.

أُلقي القبض على هؤلاء الموعوظين الخمسة، ولحق بهم رجل يُدعى ساتيروس Saturus، يبدو أنه كان معلمهم ومرشدهم، تقدم باختياره ليُسجن معهم حتى يكون لهم سندًا ويشاركهم أتعابهم.

كان زوج بربتوا مسيحيًا، قَبِلَ الإيمان سرًا، وإذ شعر بموجة الاضطهاد اختفي.

وُضع الخمسة في إحدى البيوت في المدينة، فجاء والد بربتوا يبذل كل جهده لرد ابنته إلى العبادة الوثنية، وكان يستخدم كل وسيلة. كان يبكي بدموع مظهرًا كل حزنٍ عليها، أما هي فصارحته أنها لن تنكر مسيحها مهما كان الثمن، عندئذ انهال عليها ضربًا، وصار يشتمها، ثم تركها ومضى. في ذلك الوقت نال الموعوظون المقبوض عليهم سرّ العماد.

صورة في موقع الأنبا تكلا: نافذة زجاج معشق تصور القديسة بربتوا القرطاجية (كنيسة نوتر دام من فيريزون، فرنسا، القرن التاسع عشر) - والنافذة تصور استشهاد القديسة بربتوة مع الشهداء الآخرون في ساحة استشهاد مدرج قرطاج، وتُرى القديسة فيليستيس على يسارها - تصوير جايتان بوي

بعد أيام قليلة دخلت بربتوا مع زملائها السجن، فراعها هول منظره، كان ظلامه لا يوصف، ورائحة النتانة لا تُطاق، فضلًا عن قسوة الجند، وحرمانها من رضيعها. وإذ كانت في يومها الأول متألمة للغاية استطاع شماسان طوباويان يدعيان ترتيوس Tertius وبومبونيوس Pomponius أن يدفعا للجند مالًا ليُسمح لهم بشيء من الراحة. كما سُمح لها أن تُرضع طفلها الذي كان قد هزل جدًا بسبب الجوع. تحدثت بربتوا مع أخيها أن يهتم بالرضيع وألا يقلق عليها. بعد ذلك سُمح لها ببقاء الرضيع معها ففرحت، وحّول اللَّه لها السجن إلى قصر، وكما قالت شعرت أنها لن تجد راحة مثلما تمتعت بها في داخل السجن.

افتقدها أخوها في السجن، وصار يحدثها بأنها تعيش في مجدٍ، وأنها عزيزة على اللَّه بسبب احتمالها الآلام من أجله. طلب منها أن تصلي إلى الرب ليظهر لها إن كان هذا الأمر ينتهي بالاستشهاد. بكل ثقة وطمأنينة سألت أخاها أن يحضر في الغد لتخبره بما سيعلنه لها السيد.

طلبت من اللَّه القدوس أن يعلن لها ما رغبه أخوها. إذ بها ترى في الليل سلمًا ذهبيًا ضيقًا لا يقدر أن يصعد عليه اثنان معًا في نفس الوقت، وقد ثبت على جانبي السلم كل أنواع من السكاكين والمخالب الحديدية والسيوف، حتى أن من يصعد عليه بغير احتراس ولا ينظر إلى فوق يُصاب بجراحات ويهلك. وكان عند أسفل السلم يوجد تنين ضخم جدًا يود أن يفترس كل من يصعد عليه.

اضغط هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت للمزيد من القصص والتأملات.

صعد ساتيروس أولًا حتى بلغ قمة السلم، ثم التفت إليها وهو يقول لها: "بربتوا، إني منتظرك، لكن احذري التنين لئلا يقتلك".

أجابته القديسة: "باسم يسوع المسيح لن يضرني".

ثم تقدمت إلى السلم فوجدت التنين يرفع رأسه قليلًا، لكن في رعبٍ وخوفٍ، فوضعت قدمها على السلم الذهبي، ووطأت بالقدم الآخر على رأس التنين. ثم صعدت فوجدت نفسها كما في حديقة ضخمة لا حدَّ لاتساعها، يجلس في وسطها إنسان عظيم للغاية، شعره أبيض، يلبس ثوب راعي يحلب القطيع، وحوله عدة آلاف من الناس لابسين ثيابًا بيضاء.

رفع هذا الرجل رأسه ونظر إليها، وهو يقول: "مرحبًا بكِ يا ابنتي"، ثم استدعاها، وقدم لها جبنًا صُنع من الحليب، فتناولته بيديها وأكلت، وإذا بكل المحيطين به يقولون: "آمين".

استيقظت بربتوا على هذا الصوت لتجد نفسها كمن يأكل طعامًا حلوًا. وقد أخبرت أخاها بما رأته فعرفا أن الأمر ينتهي بالاستشهاد.

إرسال تعليق

0تعليقات
إرسال تعليق (0)