الأنبا شنودة رئيس المتوحدين
يُعتبر أهم شخصية تمثل رهبنة الشركة في مصر بعد القديس باخوميوس. دُعي "أرشمندريت" أي رئيس المتوحدين، لأنه كان يمارس حياة الوحدة من حين إلي آخر. لقد شجع بعض رهبانه علي الانسحاب إلي البرية بعد سنوات قليلة من ممارستهم حياة الشركة، دون قطع علاقتهم بالدير تمامًا. بينما رأي القديس باخوميوس في "الشركة" ذُروة السموّ الرهباني، أما القديس شنودة فيراها مرحلة انتقالية تُعد النفوس الناضجة لحياة المتوحدين الأكثر نسكًا. كان رئيسًا للدير الأبيض في إتريب في صحراء طيبة، لأكثر من 56 عامًا (القرن الرابع/الخامس). قاد حوالي 2200 راهبًا و1800 راهبة، كما أخبرنا تلميذه وخلفه القديس ويصا. في سنة 431م رافق القديس الأنبا شنودة القديس كيرلس الكبير في مجمع أفسس المسكوني. لم يقبل في ديره أجنبيًا ليلتحق بجماعاته الرهبانية، بل كان جميع رهبانه من الأقباط الأصليين. لهذا عزف كثير من الأوربيين ذكر اسمه في الفترة الخاصة بآباء البرية، كما لم يترجموا شيئًا من أعماله علي مدي قرون طويلة.
صبوَّته:
"شنودة" هو الشكل الصعيدي لاسم رئيس المتوحدين الذي عاش في الصعيد. لم يستعمل غير اللهجة الصعيدية في كتاباته وخطبه وحديثه اليومي، أما الشكل البحيري لاسمه فهو شنوتي ومعناها خادم الله أو المكرّس للّه. وُلد شنودة من أبوين مسيحيين تقيين، ربّيا ابنهما على المبادئ المسيحية المُثلى، وكان لوالده حقل يشتغل فيه مع فلاحيه، كذلك كان يملك قطعانًا من الغنم، فرأى أن يدرّب ابنه على العمل منذ حداثته، فأرسل شنودة ليرعى الغنم وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره. وكان الصبي يُلازم الرعاة طيلة النهار ويعطيهم طعامه الخاص بدلاً من أن يأكله، وعند غروب الشمس بدلاً من أن يعود لأبويه مباشرة، كان يقف إلى جانب بئر ويصلي حتى ساعة متأخرة من الليل. مع خاله بيجول إذ علم والده بمسلكه هذا استصحبه إلى خاله الراهب المعروف الأنبا بيجول، ولما وصل الاثنان إلى الدير قال له والد شنودة: "بارك يا أبي هذا الصبي"، ولكن الأنبا بيجول أخذ يد شنودة ووضعها على رأسه قائلاً: "أنا الذي يجب أن ينال البركة من هذا الصبي لأنه إناء مختار للسيد المسيح، الذي سيخدمه بأمانة كل أيام حياته". فلما سمع أبو شنودة هذه الكلمات تطاير قلبه فرحًا واستودع الولد خاله، فنشأ شنودة منذ صباه في دير خاله، ومنه اقتبس كل الفضائل المسيحية. ظلّ شنودة يجاهد في سبيل الكمال الروحي بالصوم والصلاة والصبر والتواضع، وكان نشيطًا يؤدي جميع الواجبات الرهبانية المفروضة عليه بهمة نادرة، وكان خاله يرقبه باهتمام زائد ويفرح لنموه السريع في العلم والفضيلة. وازداد فرحه بسبب ما رآه في رؤى الليل، فقد سمع ملاك الرب يقول له: "البس الراهب الشاب شنودة الإسكيم المقدس"، فقام في الصبح باكرًا جدًا وصلى صلاة الإسكيم المقدس ومنطقه به. وخلال هذه السنوات عاش شنودة في الدير الأحمر حيث كان خاله أبًا للرهبان، ولما رأى شنودة أنه نال كرامة الإسكيم ضاعف جهوده وأمعن في دراسة الأسفار الإلهية، ولم يقتصر على دراستها لنفسه بل أخذ يُعلّمها للرهبان والمدنيين الذين كانوا يفدون على الدير لوفاء ما عليهم من نذور، فكان يجمعهم حوله ويُعلّمهم مثبّتًا إياهم على الإيمان الأرثوذكسي.
الأرشمندريت:
في أحد الأيام سمع الرهبان الشيوخ صوتًا يقول: "لقد أصبح شنودة أرشيمندريت" (أي رئيسًا للمتوحدين)، وكانت غيرة شنودة المتقدة وقداسته الفائقة والاستعلانات الإلهية العديدة التي منحها له الآب السماوي سببًا في اجتذاب عدد وفير من الناس إليه، جاءوا ليعيشوا معه تحت رعايته وليتعلموا منه الفضائل المسيحية. فلما انتقل الأنبا بيجول إلى بيعة الأبكار انتخبوا شنودة خلفًا له.
نظامه الرهباني:
مع أن الأنبا شنودة اتبع نظام الرهبنة السائد في مصر إلا أنه وضع خطة يسير عليها رهبانه، بها بعض الاختلافات تتعلق بنظام طالبي الرهبنة، ونظام الإدارة، وقانون العبادة، والاهتمام بالتعليم والعمل اليدوي، ونظام العزلة جامعًا بذلك بين الرهبنة الأنطونية والرهبنة الباخومية. يختلف نظام الشركة الذي أقامه القديس شنودة عن النظام الباخومي، فقد اتسم بحزم أشد، وتتلخص خطوطه الرئيسية في النقاط التالية:
1. يقضي طالب الرهبنة فترة اختبار في بيوت خارج أسوار الدير وليس داخلها كما في النظام الباخومي. ويكتب طالب الرهبنة تعهدًا يوقع عليه قبل رهبنته، ويتلوه أمام الاخوة داخل الكنيسة، ويحفظ هذا التعهد في أرشيف الدير.
2. كان كل دير يديره أب، هذا بدوره يخضع للأرشمندريت كأب لكل الأديرة. وتقام أربعة اجتماعات عامة لكل الرهبان سنويًا، يحضرها أيضًا المتوحدون، وذلك لمناقشة أوضاع هذه الأديرة.
3. من جهة العبادة، تتلو كل جماعة من الرهبان صلوات قصيرة قبل البدء في أعمالهم.
وتتكون الصلوات الخاصة من المزامير والتسابيح الكنسية، تُتلي في القلالي بإرشاد الأب الروحي, أما الصلوات الجماعية فيجتمع الرهبان أربع مرات لهذا الغرض: في الصباح وعند الظهر وعند الغروب وبالليل. يجتمعون وينصرفون في هدوء كامل، لا يفكرون إلا في الصلوات التي يتلونها. بجانب هذه الصلوات تقام ليتورجيا الافخارستيا أسبوعيًا. كان يُسمح للعائلات وكل الشعب المحيط بالأديرة أن يزوروا الأديرة في السبوت للتمتع بخدمة "العشية" وسماع العظة، كما يشتركون في القداس الإلهي مع الرهبان في أيام الآحاد. وكان الرهبان يقدمون الطعام للجماهير، وكان القديس أنبا شنودة يعظهم بنفسه. أنشأ مدرستين في الدير الأبيض، وشجع الرهبان علي التعلم، إذ آمن أن التعليم هو السلاح الفعال ضد العادات الوثنية، كما شعر بالمسئولية نحو تأسيس مدارس في القرى المجاورة. عاش الأنبا شنودة في عصر يتأجج بنيران الأحداث: ففيه انعقدت ثلاثة مجامع هي مجمع أفسس المسكوني الثالث، الذي حضره مصاحبًا للبابا كيرلس عمود الدين، ومجمع أفسس الثاني ومجمع خلقيدونية الذي شق الكنيسة المقدسة، وفيه أيضًا زالت الوثنية نهائيًا، بعد أن حاول الإمبراطور يوليانوس الجاحد عبثًا أن يعيدها إلى الوجود، وفيه أيضًا تحققت القومية المصرية، إذ وقف المصريون جميعًا كتلة واحدة ضد الملكية الدخيلة ولم يرضوا بها حتى عندما اصطبغت بالصبغة الدينية.
قائد كنسي سياسي (ضد الاستعمار البيزنطي):
مع أن القديس الأنبا شنودة كان شغوفًا بالعُزلة منذ صباه إلا أنه شاطر العالم حياته، إذ كان يرقب الأحداث والتقلبات السياسية بدقة واهتمام، مدركًا أن التلميذ المخلص للمسيح هو من يوصل رسالته إلى غيره من بني الإنسان. وحين جال ببصره حوله رأى بني قومه يرزحون تحت أثقال من العبودية المرة: عبودية الأوهام ومخاوف توحيها إليهم الوثنية، وعبودية للحكام البيزنطيين الذين كانوا يمتصون دماء الشعب الكادح ويسلبهم عرق جباههم، صمم على أن يكرّس لتحريرهم. بدأ بتحريرهم من مخاوفهم بأن بيّن لهم أن العناية الإلهية تقيهم كل أذى، وقرن تعليمه بالعمل، فكان يُطعم الجائع، ويكسو العريان، ويداوي المريض، ويأوي الغريب. وفوق هذا كله فقد كان يذهب بنفسه مع المظلوم من المصريين إلى ساحة القضاء ليترافع عنه شخصيًا، فإن لم يفلح في إقرار العدالة توجه بالشكوى إلى الإمبراطور رأسًا، ولم يهدأ له بال حتى ينال المظلوم حقّه. في اجتماع عام أثار الجمهور بقوله: [قلوب الحكام المملوءة شرًا وخداعًا وظلمًا وطمعًا. لهم هدف واحد هو جمع المال علي حساب الفقراء الذين هم الضحية. من يقدر أن يحصي الأتعاب التي يلاقيها الشعب من هؤلاء الحكام؟ فإنني أعرف بعضًا لم يجدوا طعامًا ليأكلوا هم وحيواناتهم. أظن أنهم يريدون أن يقيموا من المصريين عبيدًا لهم، يضعون النير علي أكتافهم.] لما كان الله قد حباه المقدرة على الكتابة والخطابة فقد استخدم هذه الموهبة ليستثير روح القومية في الشعب، فكان لا يخاطب الجماهير إلا باللغة القبطية بلهجتها الصعيدية، وبهذا اللسان المصري الصميم ألهب صدورهم حماسة، وأيقظ وعيهم القومي وجعلهم يدركون ما في مصريتهم من كرامة. وكانت هذه النار التي أوقدها الأنبا شنودة هي القوة الدافعة، التي مكّنت المصريين من أن يقفوا أمام وجه حكامهم المستعمرين، تلك الوقفة الحاسمة في مجمع خلقيدونية المشئوم، حيث رفضوا أن يحنوا هامتهم للإمبراطور مركيان، حين زعم أنه يستطيع أن يفرض عليهم مذهبه الخلقيدوني، الذي يخالف عقيدتهم الأرثوذكسية التي تعلموها من آبائهم.
مُصلح اجتماعي روحي:
ترتبط العبادة عند القديس شنودة بالحياة الاجتماعية. فالدين هو حب عملي وتقوي. لهذا لم ينعزل القديس شنودة ورهبانه الآلاف عن المجتمع المصري. نذكر علي سبيل المثال عندما أغار الغزاة علي صعيد مصر وسبوا الآلاف من الشعب، قابل الغزاة وأقنعهم أن يأخذوا الغنائم ويتركوا النفوس. ثم فتح ديره للمسببين البالغين آلافًا من النفوس ليستقروا هناك لمدة ثلاثة شهور. كرّس الرهبان وقتهم لخدمتهم. وقام سبعة من الأطباء الرهبان بتضميد الجروح. خلال هذه الفترة مات 94 شخصًا دُفنوا بالدير، بينما وُلد بالدير 52 طفلاً. أكلت الجماهير 8500 أردبًا من القمح مع كميات ضخمة من العدس والزيت والفول... بهذا يمكننا أن نتصور عدد الضيوف الذين عاشوا في الدير هذه المدة الطويلة. وكيف آمن الرهبان بالحب العملي كأهم من أي قانون أو تدبير رهباني.
اهتمامه بالراهبات:
لم يكن الأنبا شنودة أبًا للعديد من الرهبان فحسب، بل كان أبًا لألف وثمانمائة راهبة أيضًا، وقد كتب لهؤلاء الراهبات رسائل عديدة الغرض، منها تعليمهن وإرشادهن وتثبيتهن على الإيمان القويم. ومع أنه كان أبًا لهذا العدد الوفير من الرهبان والراهبات إلا أنه ظل يمارس حياة العزلة باستمرار، ولذلك تأهّل لأن ينال لقب "رئيس المتوحدين"، فكان يقضي بعضًا من الوقت في كل سنة منقطعًا بمفرده، ولم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منه أثناء هذه العزلة. قد عاش الأنبا شنودة حتى بلغ الثامنة عشرة بعد المائة، قضى ستة وستين عامًا منها رئيسًا لبضعة أديرة، بعضها للرهبان وبعضها للراهبات، وقد منحه الله مع هذا العمر الطويل الصحة والعافية، فظل طيلة حياته يعمل بلا هوادة منذ أن تسلم قيادة الدير الأحمر عن خاله الأنبا بيجول، كما نجح بجهاده المتواصل وهمته في أن يثبت نظام أديرته، وأن يسلم الشعلة وهّاجة إلى تلميذه ويصا، كذلك نجح نجاحًا باهرًا في أن يوقظ في مواطنيه عاطفتهم نحو بلادهم
أقوال القديس الأنبا شنوده رئيس المتوحدين عن الصليب وحياة النصرة& صراع بين الله والشيطان&
إبليس لم يعرف الابن المتجسد.
رأي إبليس وجنوده في يسوع إنساناً غريباً لم يروا مثله قط من قبل... فاق الرسل والأنبياء وكل الآباء الأولين.
شخصاً هادئاً وبديعاً... يجذب بوداعته نفوس الكثيرين دون أن يقلل من خطورة الخطية أو ينكر مرارة آثارها! ...
لطيف مع الجميع لكن في حزم وصرامة! يوبخ وينتهر ولكن في حب ورقة بغير تدليل ولا تمويه للحق!
يحب الخطاة والعشارين، لا يخجل من الجلوس معهم أفراداً، أو جماعات... دون أن يتدنس بخطاياهم، بل ينير أذهانهم بنور المعرفة الحقيقية، ويصطادهم بروح الحب في شباك الحق.
+ يشارك الفرحين فرحهم، والحزانى حزنهم... دون أن تنسيه المجاملات رسالته أو تنحرف به ولو قليلاً عن عمله! يحب بغير حدود , يخدم بغير ملل، يعمل بسلطان شخصي!
+ رأوه قادراً على طردهم من مساكنهم البشرية... بل وحتى تلاميذه ورسله جاءوا إليه فرحين يقولون له (يارب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك "لو17:9 ") .
(فقال لهم رأيت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء ها أنا أعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات و العقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء "لو19، 18:10 ") .
إهتزت مملكة الشيطان واضطرب كل جنوده... وتشككوا في أمره من يكون هذا؟!
+ ألعلة ابن الله القدوس..!. لكن ابن الله يأكل ويشرب ويجوع ويتعب ويتألم؟!
+ هل ابن الله يهرب من أمام هيرودس؟ هل ابن الله يخضع ليوسف ومريم ليربياه ويعلماه؟!
+ وهنا بدأ الشيطان بكل طاقاته وحيله يعمل محاولاً أن يكتشف من يكون هذا...
ففي التجربة (مت4) بدأ إبليس يسأله أكثر من مرة إن كنت أنت ابن الله أفعل كذا؟! مت6:4.
لم يكن يتوقع أن يجيب عليه إجابة صريحة، قائلاً أنا ابن الله... لكن كان يتوقع أن يحول الحجارة خبزاً أو يرمي بنفسه من جناح الهيكل... فإن صنع هذا يكون فعلاً ابن الله، فيهرب من أمامه ولا يقاومه، حتى لا يخسر الجولة ويباد وينفضح أمام الخليقة.
لكن كما يقول القديس كيرلس الكبير استطاع يسوع، الحكمة الحقيقية أن يزيد من ريبة الشيطان، فهو وإن كان لم يحول الحجارة خبزاً ولا ألقي بنفسه من جناح الهيكل، لكنه قدم إجابة أفحمت الشيطان... ولم يعد يدري من هو هذا؟!
عاد الشيطان مستخدماً جنوده الأرواح الشريرة في محاولة معرفة شخص الرب يسوع. فقد قال الروح الشريرة (ما لنا ولك يا يسوع الناصري. أتيت لتهلكنا. أنا أعرفك من أنت قدوس الله "مر24:1 ") أما يسوع فلم يجبه (نعم أنا هو) بل أفحمه (قائلاً اخرس واخرج منه) ...
أقوال القديس الأنبا شنوده رئيس المتوحدين عن قوة الصليب
على الصليب أعلن ابن الله اتضاعه... إذ أطاع حتى الموت موت الصليب من أجل العبيد الخطاة العصاة...
ولم يقف الأمر عند مجرد ظهور الاتضاع... إنما أعطانا حياة الاتضاع الحقيقي... كثمرة من ثمار الروح القدس الساكن فينا بالمعمودية ذلك إن تجاوبنا معه بالجهاد والعمل فننال بركاته، إذ يعطينا أن نزداد ثبوتاً في المسيح المتضع المصلوب... وهكذا يبيد فينا روح الكبرياء.
وما أقوله عن الاتضاع أقوله عن كل الفضائل من حب ووداعة وطاعة....الخ) أنها قد صارت لنا بعمل الروح القدس الساكن فينا الذي يربطنا ويثبتنا في المسيح المصلوب... كلما قبلنا عمله فينا بالجهاد والعمل ليس بمجرد الإيمان النظري.
وبالصليب تصالحنا مع الله وصار لنا أن نكون مسكناً للروح القدس (بالمعمودية التي هي موت مع المصلوب وقيامة معه) ... وإذا صرنا في مصالحة مع الله، بالتبعية تصير لنا حياة النصرة على الشيطان. لأنه حيثما وجد النور تتبدد الظلمة، وحيثما يعلن الحق يفسد الباطل، وحيثما يعمل البر الحقيقي يموت الإثم والشر.
هذا كله إن أمسكنا بالصليب وحاربنا الشيطان وجاهدنا وصارعنا حتى الدم كقول الرسول.
+ على الصليب انفتح جنب يسوع وخرج دم ودماء، ليعتمد قابل الإيمان ويتقدس فيدخل من الجنب المطعون وتصير له شركة حقيقية في المسيح... إذ يصبح عضواً حياً في الكنيسة جسد المسيح السري فتصير ما وهبنا هو للمسيح...
إذ اشترانا بالكلية ولم يعد لنا شيئاً في نفوسنا أو أجسادنا لهذا صارت لنا الغلبة على الشهوات والإغراءات والضيقات... وصارت لنا قداسة المسيح أو قل صار المسيح هو قداستنا وبرنا... إن قبلنا عمل نعمته مجاهدين إلي النفس الخير بغير توان.
من يستطيع أن يحصي بركات الصليب أو يعبر عنها؟! إذ باختصار صرنا خليقة جديدة نتجدد يوماً فيوم بروح الله وفكر المسيح.. إلي أن نلتقي معه على السحاب ونعاينه وجهاً لوجه!
هذا كله بفضل الصليب، الذي هو موضوع فخرنا إذ هو (قوة الله للخلاص) للذين أمنوا به إيماناً حياً عاملاً بالمحبة... وليس مثل أولئك الذين حسبوا أنفسهم أنهم أتباع المصلوب بينما يقول عنهم الرسول بولس إنهم أعداء الصليب لأنهم لا يعرفون حياة الجهاد ولا يذوقون روح الغلبة والنصرة، متكلمين على إيمانهم اللفظي واعترافهم به بالفم فقط!
معجزات الانبا شنودة رئيس المتوحدين
القديس يشفى من موت مؤكد
دق جرس التليفون بدير القديس الأنبا شنوده وإذ بالمتحدث أب كاهن محب للدير وله علاقة محبة وثيقة بآباء الدير وكان متوتر ومنزعج جدا فى حديثه وقال انه أعطى لزوجته حقنة مسكنة لألم الروماتيزم وبعدها تورم جسمها كله وتغير لونه ودخلت فى شبه غيبوبة ولا يعلم ماذا يعمل أو كيف يتصرف ولكنه فكر فى الحال ان يتصل بالدير للصلاة من اجلها وأيضا للمشورة فى ان يذهبوا لمن من الاطباء بسوهاج . لأن المركز الموجودين به لا يوجد به طبيب متخصص فى هذه الحالة . فأشرنا عليه ان يحضر لعيادة الدكتور مشيل ميرهم وهو من اشهر الاطباء فى سوهاج وأيضا هو من ابناء القديس الانبا شنوده وله محبة خاصة للدير
وفعلا حضروا بها بسرعة وتقابلنا عند الدكتور وكان معهم والد هذا الكاهن وهو ايضا اب كاهن قديس وهو صاحب معجزة (القديس الانبا شنوده وسلطانه على العقارب ) التى اشرنا سابقا عليها .
دخل الدكتور وكشف عليها وخرج لنا بعد برهة قصيرة وقال لى بعيدا منهم ان يرجعوا بها بسرعة لبيتها للأن التسمم أنتشر بالجسم كله ولا فائدة، وهى مسألة وقت . فقلت له كيف ابلغهم بذلك هذا شئ صعب عليهم . ارجوك يادكتور ان تعطيها اى علاج وربنا عليه الباقى ونصرفهم بدل ان نقول لهم ذلك ففكر الدكتور قليلا وطلب نوع من الحقن فأحضروها فى الحال وقام بأعطائها اول حقنة وقال لهم تأخذ باقى الحقن بالمنزل وصرفنا بسرعة من العيادة خوفا من موتها بها ،
ولكنى قلت له انى سوف اخذهم معى للدير كى يكونوا قريبين من المدينة اذا احتاجوا اى استشارة اخرى منه او اى علاج اخر لان بلدتهم بعيدة بعض الشئ من سوهاج المدينة فقال لى هذه مسؤلية على الدير وانت فى غنى عنها لان هذه السيدة لن تعيش فقلت له الرب قادر على كل شئ ان يشفيها من اجل اولادها الصغار ومن اجل زوجها خادم الرب .
الصلاة والتضرع
( وهو ينجى وينقذ ويعمل الايات والعجائب فى السماوات وفى الارض ) د ا ( 6 : 27 )
وايضا شفاعة القديس الانبا شنوده الذى التجأوا اليه، وهذا هو ايضا طلبهم .
ذهبنا جميعا الى الدير ووضعناها بغرفة بالاستراحة وتركناها وخرجنا ، البعض ذهب للكنيسة للتضرع والصلاة من اجلها والبعض الاخر ظل خارج االغرفة ولكن ابونا الشيخ الكبير دخل الى غرفة الصالون وامام صورة القديس الانبا شنوده بدأ يصلى ويبكى ويقول له ارجوك اشفيها لانك عارف موت زوجة الكاهن صعب جدا وهى عندها اطفال صغار وكنت اراه من الخارج يصلى بحرارة وبايمان شديد . ثم خرج بعد وقت من الصلاة فوجد على مكتب بجوار الصالون صورة ورق صغيرة للقديس الانبا شنوده فاخذها ودخل ووضعها على جسدها وهى نائمة فى غيبوبة بلا حراك وخرج من الغرفة ، وبعد فترة دخل ابونا زوجها واذ به يخرج بسرعة وهو منزعج ويقول ان زوجته تنزف بشدة من مكان الحقنة التى اعطاها لها الدكتور .
اتصلنا بالدكتور وابلغناه بذلك فقال لنا هذا مؤشر خير وانا سوف آتى بسرعة وما ان حضر ورأها واذ بالنزيف يتجمع تحت الصورة التى وضعها ابونا الشيخ وكان لونه مثل حبر الكوبيا .ففرح الدكتور وقال بالنص ان هذه الحالة لا ينجى منها واحد فى المائة فهذه معجزة بكل المقاييس وقال انه لابد من نقلها بسرعة للمستشفى لنقل دم وأسعافات اخرى ، وبسرعة ذهبت مجموعة من خدام الدير للمستشفى وتطوعوا بالدم المطلوب ، وبدأ الدكتور يعطيها الدم والمحلول، وبدأ هذا النزيف الذى بلون الكوبيا ينزل اكثر وبدأ لون وجهها يتغير للافضل وفى خلال وقت قصير بدأت تتنفس بشكل طبيعى ولم تستكمل الكيس الثالث من الدم حتى افاقت بصورة طبيعية وطلب الدكتور وضعها تحت الملاحظة ثلاث ايام بعدها خرجت من المستشفى وشكرنا الرب يسوع والقديس العظيم الانبا شنوده ورجعوا جميعا مرة اخرى للدير على قدميها وليست محمولة وشكروا القديس العظيم الانبا شنودة على عمله معهم ورجعت الى بيتها واولادها بسلام وصحة جيدة شفاعة وبركة القديس العظيم الانبا شنوده تكون معنا امين
عظات الانبا شنودة رئيس المتوحدين
طريق الحياة
محبة الله من كل القلب
امام كل انسان طريقان واحد للحياة والاخر للموت . اما طريق الحياة فهكذا .. تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وتحب قريبك كنفسك , فالذى لا ترضاه لنفسك لا تفعله بغيرك ( لا تقتل لا تزن لا تسرق لا تشهد بالزور ) مت 18 : 19 لا تستعمل السحر, ولا تسقط امرأة حامل بشئ من الادويه لا تقتل المولود منها . لا تشتهى شئ من امتعة صاحبك . احذر من ان تكون ذا قلبين وتنطق بالكذب ولا تقطع اجرة الاجير
(( لا تغضب قريبك ولا تسلب ولا تبت اجرة الاجير عندك الى الغد)) لا 19 : 13
يا ابنى لا تكن خطافا ولا سالبا ولا مرابيا واحذر الكبرياء لأن المتكبر يرذ له الله ويقاومه . لا تتحدث بالردىء على اخيك قد يكون عند الله افضل منك ( واما انت فلماذا تدين اخاك او انت
ايضا لماذا تذدرى باخيك لاننا جميعا سوف نقف امام كرسى المسيح ( رو 14: 10)
لا تبغض احدا من الناس لأنهم صورة الله ومثاله, فان زل اخيك واخطأ اليك فعاتبه بينك وبينه ولا توبخه امام الاخرين
( اهرب من كل شر ولا تعاشر فاعلى السوء ) ام 19 : 16
يا ابنى لا تكن حاسدا ولا حاقدا فأن ذلك يدفعك الى القتل ولا يكن همك فى الشهوات لأن الشهوة تقود الى الزنا .
لا تتكلم باقوال قبيحه ولا تقبل الرقاه ولا السحره لا تقترب منهم او تستمع لحديثهم لان من اقترب من هؤلاء يبتعد عنه الله
( واما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناه والسحره وعبدة الاوثان وجميع الكذبه فنصيبهم فى البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذى هو الموت الثانى ( رؤ 21 : 8 )
ولا تكن محبا للمال او الافتخار به فمنه ياتى كل الشرور ولا تكن متزمرا فأن ذلك يقود للتجديف على الله .
( يا ابنى لا تكن صغير النفس ولا تفكر فى السوء
( سيراخ 7 : 9 )
بل كن وديعا فأن الودعاء يرثون الارض .
كن طويل الروح بسيط القلب متواضعا فى كل حين ولا تكن ملاصقا للاغنياء المنتفخين المتكلين على اموالهم بل عاشر الابرار والمنسحقين , وكل ما ياتى عليك من خير او شر فاقبله بالشكر عالما انه لن ينالك شئ الا بسماح من الله لأجل تنقيتك وتزكيتك وفوزك بالاكاليل السمائيه حسب حكمته العاليه ( طوبى للرجل الذى يحتمل التجربه لانه اذا تزكى ينال اكلبل الحياة الذى وعد به الرب للذين يحبونه (( يع 1 : 12 )
يا ابنى تذكر كلام الله فى الليل والنهار لان الرب يحل فى الموضع الذى يذكر فيه اسمه , ولا تخاصم اخوتك بل تشبه بسيدك وكن صانعا للسلام وحاول ان تصلح بين المتخاصمين .
( ليعرض عن الشر ويصنع الخير ليطلب السلام ويجد فى اثره
( بط 3 : 11)
يا ابنى لا تقلل يدك ولا تبخل على الاخوه فى عطائك ولا تغتم فى تعبك لأجلهم ( من سألك اعطه ومن طلب منك فلا ترده ) لو 6 : 3
واعلم ان المجازى الصادق هو ربنا يسوع المسيح غافر خطايانا فاذا اشركنا معنا المحتاجين فى الفانيات فاننا نشاركهم كذلك فى الباقيات لان المحبة ليست بالكلام واللسان بل بالعمل والحق
فاذا حفظت هذه الوصايا فانك تسلك فى طريق الحياه والسبيل المبارك الى الابد ذلك الذى للملك الواحد ربنا يسوع المسيح , واما طريق الموت فالسالك فيه موت ابدى "" الموت الذى كان معدا لابليس وكل جنوده الرديه .